قراءة في المشهد السياسي المغربي في ظل التحولات الراهنة
المصطفى قاسمي
أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري
رئيس مؤسسة القاسمي للتحليل السياسي والدراسات الأستراتيجية والمستقبلية.
إن استمرار سيطرة النخب التقليدية على مواقع القرار، مع تهميش الكفاءات الصاعدة من الطبقة الوسطى والفاعلين المدنيين، يساهم بشكل تدريجي في تقليص شرعية النظام السياسي على المدى المتوسط والبعيد.
إن اعتماد الطرق المتجاوزة في تجديد النخب هو الذي يعزز وبشكل قوي من استمرارية الاحتجاجات الاجتماعية ويُبقي على فجوة بين الدولة والمجتمع وتراجع المشاركة السياسية التي تعتبر من أحد المؤشرات الرئيسية للانتقال الديمقراطي الذي من مميزاته السيرورة وبشكل تدريجي.
ولقد أظهرت الأبحاث السوسيولوجية والممارسة السياسية أن استمرار الإقصاء وتراجع فرص المشاركة السياسية يؤدي إلى تفاقم أزمة الثقة بين المواطن والدولة. فالأزمات الاجتماعية المتكررة، تعتبر خير دليل و تعبيرات حقيقية عن هذا التوتر.
فوجود جهات غير رسمية تسيطر على بعض آليات القرار يضيف طبقة من التعقيد على الإصلاحات السياسية. هذه الجهة، التي قد يكون لها مصالح اقتصادية وسياسية خاصة، يمكن أن تعرقل عمليات الإصلاح أو تتحكم في سيرها بما يحافظ على مصالحها وفي نفس الوقت ستكون هي سبب اللاستقرار الذي يمكن أن يعرفه المغرب.
دون أن ننسى ما يمكن أن ينتج عن العوامل الجيوسياسية الخارجية نتيجة تنافس القوى الدولية والإقليمية في المغرب على ضوء حل مشكل الصحراء المغربية نتيجة تنافس قوى دولية وإقليمية على النفوذ في شمال أفريقيا، والصحراء المغربية على الخصوص وذلك على اتر الاستثمار الدولي المتزايد من طرف دول مثل الولايات المتحدة، الإتحاد الأوروبي، إسرائيل، في مواجهة النفوذ المتزايد لروسيا، الصين، إيران، مما يمكن أن يعقد المشهد السياسي المغربي ويشكل ضغطاً أمنياً واستراتيجياً .
إن الدعم الدولي للنظام السياسي المغربي سواء كان هذا الدعم سياسيا او اقتصاديا خصوصا من الغرب، والذي يشكل أحد ركائز نفود وقوة النظام المغربي رغم التحديات الداخلية.
هذا الدعم، الذي يركز على الاستقرار ومحاربة التطرف، وإن كان قد يعزز من قدرة النظام على استيعاب وتدبير الأزمات ، لكنه قد لا يعالج جذور المشكلات السياسية والاجتماعية .
إن قوة النظام السياسي المغربي توجد في وحدة وتماسك الدولة والمجتمع وقد اتبتت التجارب السياسية في العقدين الأخيرين كيفية انهيار بعض الأنظمة كان نتيجة اتساع الهوة بين الدولة والمجتمع بسب الانغلاق وعدم وجود دورة النخب حقيقية بعدما تخلت القوى الكبرى عن دعمها نتيجة المطالبة بامتيازات متزايدة وبشكل مستمر ونتيجة تنافس هذه الدول فيما بينها وتعارض مصالحها.