ين اليسار الراديكالي ونظرية “المعتوه المنفرد”‏.. اغتيال يعيد فتح جراح التاريخ السياسي الأمريكي



 

بصفته شخصا كتب كتابا تصدر قائمة الأكثر مبيعا لصحيفة نيويورك تايمز حول اغتيال ‏الرئيس جون ف. كينيدي، وأنهى مؤخرا كتابا عن محاولة اغتيال الرئيس رونالد ريغان ‏المزمع نشره هذه السنة، كما درس أيضا اغتيالات السيناتور روبرت ف. كينيدي ومارتن ‏لوثر كينغ جونيور، فضلا عن فحصه الدقيق لمحاولتي اغتيال الرئيس دونالد ترامب، فقد ‏أبدى الناشط السياسي المحافظ روجر مور شكا عميقا في المعلومات الصادرة عن الحكومة ‏الأمريكية، وقاوم كل اندفاع نحو إصدار حكم حول من قتل مؤسس ‏Turning Point USA، ‏تشارلي كيرك، ولماذا.‏

 

ومع ظهور التفاصيل المتعلقة بالمشتبه به في اغتيال تشارلي كيرك -الشاب تايلر روبنسون ‏البالغ من العمر 22 سنة المنتمي إلى اليسار الراديكالي – فإن ذلك بالتأكيد يتوافق مع سرد ‏مألوف ومعقول، وهو النمط نفسه الذي كان ينتمي إليه لي هارفي أوزوالد المتعاطف مع ‏الشيوعية والمنشق، بعد أن ظهر للعامة عقب اغتيال جون ف. كينيدي في ساحة ديلي بلازا ‏في دالاس.‏
لنتابع التحليل الأولي لحادث الاغتيال الذي يشغل الأمريكيين هذه الأيام.‏

 

تشارلي كيرك (32 سنة) ناشط سياسي أمريكي من التيار المحافظ اشتهر بكونه مؤسس ‏ورئيس منظمة ‏Turning Point USA، وهي حركة شبابية تهدف إلى نشر الأفكار اليمينية ‏المحافظة داخل الجامعات الأمريكية. عُرف كيرك بخطابه الحاد ضد اليسار، ودعمه القوي ‏للرئيس السابق دونالد ترامب، ما جعله أحد أبرز الوجوه الشابة في الإعلام والسياسة داخل ‏المعسكر الجمهوري. كما كان يقدم برامج إذاعية وتلفزيونية تحظى بمتابعة واسعة، ويعتبره ‏كثيرون من الأصوات الأكثر تأثيرا في أوساط اليمين الشعبوي الأمريكي. ‏

 

أفادت التقارير الإعلامية بأن روبنسون تأثر بأيديولوجيات متطرفة من أقصى اليسار عبر ‏الإنترنت، وعاش مع شخص متحول جنسيا “أنثى” (وُلِد ذكرا)، الذي يُفترض أنه كان حبيبا ‏له، وهو ما أعطى للمحافظين مادة للتمسك بها. إن مئات الأشخاص القاسيين والمقززين ‏الذين أشادوا بالقتل زادوا من إصرار المحافظين على تحميل المسؤولية لهذا اليساري ‏المتطرف.‏

 

ولكن بالنظر إلى عدد الأكاذيب التي رُوِّجت من قبل الحكومة الفيدرالية حول اغتيالات ‏الشخصيات العامة المذكورة أعلاه، وحوادث إطلاق النار مثل مجزرة ماندالاي باي في ‏لاس فيغاس، يجب أن نشك تلقائيا في أي شخص يُقال لنا إنه “المعتوه المنفرد” الذي أطلق ‏النار. وفي هذا الحادث، هناك العديد من التناقضات وعناصر الشذوذ التي يجب أن تجعل ‏الجميع يتساءل عما إذا كان هناك أكثر مما يبدو للعيان.‏

 

 

البندقية والملابس المزعومة للقاتل

 

البندقية ذات الزناد التي يُزعم أنها استُخدمت في إطلاق النار وُجدت في الغابة القريبة كاملة ‏التركيب بعد أن فر القاتل، أي أنها وُضعت مثل هدية للسلطات. ومع ذلك، تظهر لقطات ‏كاميرات المراقبة أن القاتل المزعوم يقفز من سطح المبنى دون أن يُرى أي بندقية، ‏والحقيبة التي كان يحملها صغيرة جدا بحيث لا يمكن أن تحتوي على البندقية، حتى لو تم ‏تفكيكها كما تم الادعاء.‏
في هذا السيناريو، كان على روبنسون أن يعيد تركيب البندقية ويتركها في الغابة لتجدها ‏الشرطة أثناء هروبه، وهو أمر شبه مستحيل. وفقا للقصة الرسمية، قرر روبنسون أيضا ‏تغيير ملابسه فورا بعد إطلاق النار، وهو أمر منطقي لأن تلك الملابس قد تربطه بالمسرح. ‏لكن لاحقا، قرر بشكل غير مفهوم العودة وارتداء الملابس نفسها التي يمكن التعرف عليها ‏قبل أن يُقبض عليه من قبل السلطات، وهو أمر يفتقر للمنطق.‏

 

 

التناقضات حول منصة ‏Discord

قال مكتب التحقيقات الفيدرالي بأن روبنسون ذكر كل تفاصيل تخطيطه لقتل كيرك، وتفاخر ‏بكيفية تنفيذ الجريمة على منصة ‏Discord‏ الشهيرة بين الشباب، وخصوصا اللاعبين. ومع ‏ذلك، نفى متحدث باسم ‏Discord‏ قصة ال ‏FBI‏ وقال إنهم “حددوا حسابا على ‏Discord‏ ‏مرتبطا بالمشتبه به، لكن لم يجدوا أي دليل على أن المشتبه به خطط لهذه الحادثة أو روج ‏للعنف على ‏Discord‏”، مضيفا أن “الاتصالات كانت بين زميله في السكن وصديق بعد ‏إطلاق النار، حيث كان الزميل يروي محتويات مذكرة تركها المشتبه به في مكان آخر”.‏

مع ذلك، زعم حاكم ولاية يوتا، سبنسر كوكس، أن ال ‏FBI‏ راقب الاتصالات بين روبنسون ‏وزميله عبر ‏Discord، والتقط لقطات شاشة للمحادثة التي تجرمه. وقد ذكرت تقارير مثل ‏Newsmax‏ أن روبنسون نفى في البداية قتله لكيرك، مدعيا أن القتل قام به شبيه له، ثم ‏اعترف لاحقا في سلسلة محادثات ‏Discord‏ نفسه بارتكاب الجريمة. كل هذا يثير الكثير من ‏التساؤلات، على أقل تقدير.‏

بعد الاغتيال مباشرة، فشلت ‏FBI‏ بشكل لافت في إغلاق المجال الجوي المحيط بمطار ‏بروفو، الذي يبعد عشر دقائق فقط بالسيارة عن جامعة وادي يوتا حيث اغتيل كيرك. ‏أظهرت بيانات تتبع الرحلات أن طائرة غادرت المطار في بروفو بعد الساعة الثانية ظهرا ‏مباشرة، متجهة جنوبا نحو أريزونا، قبل أن تختفي تماما عن الرادار. ثم ظهرت مرة أخرى ‏على الرادار عند عودتها إلى مطار بروفو بعد نحو ساعة من الإقلاع الأولي. وما يزال ‏مجهولا من كان يقود هذه الطائرة ولأي غرض.‏

 

أعداء كيرك الأقوياء

خلال حديث مع الصحفية ميغن كيلي في إحدى فعاليات ‏Turning Point، تحدث كيرك عن ‏جيفري إبستاين المتوفى وعلاقاته المحتملة بجهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد. كما ‏تحدث بصراحة في برنامجه الإذاعي عن الروابط بين منظمات يهودية صريحة ودورها في ‏دعم قضايا معادية للبيض.‏

كما أخبر تاكر كارلسون كيلي أن كيرك سافر إلى البيت الأبيض في وقت سابق من هذه ‏السنة للضغط على الرئيس ترامب من أجل تجنب الانخراط في أعمال عدائية مع إيران، ‏عندما بدا أن البلاد على وشك الدخول في حرب، بدعم كامل من إسرائيل. وأوضح ‏كارلسون أن هذا أدى إلى تعرض كيرك “لإساءة هائلة” وغضب من قاعدة المانحين في ‏Turning Point ‎‏ حيث أصبح لديه العديد من “الأعداء الحقيقيين”.‏

 

صداقتي مع تشارلي كيرك

 

أصبحت أنا وتشارلي كيرك صديقين بعد اعتقالي المبالغ فيه من قبل ‏FBI‏ في إطار ما عُرف ‏بـ “مزاعم التواطؤ الروسي”. وقد أصبح كيرك ناشطا مدافعا عني، سواء علنا أو خلف ‏الكواليس، مطالبا بالعفو عني حتى قبل أن يتم الكشف عن أن قصة “التواطؤ الروسي” ‏بأكملها كانت خدعة سياسية وانتهاكا هائلا للسلطة من قبل أوباما ورفاقه من العناصر ‏الإجرامية.‏

 

تحدث تشارلي معي بصراحة عن طموحاته السياسية، بما في ذلك احتمال خوضه سباق ‏حاكم ولاية أريزونا، وحتى احتمال ترشحه يوما ما للرئاسة الأمريكية. كنت أؤمن أن ‏تشارلي كان يمتلك الانضباط والمبادئ والدافع اللازم لتحقيق هذه الأهداف لو عاش.‏

 

 

رصاصة مفقودة

 

لم تؤكد ‏FBI‏ بعد أنها عثرت على الرصاصة التي أُطلقت على كيرك، حيث تم الإبلاغ عن ‏العثور على الغلاف النحاسي للرصاصة فقط في مكان الحادث. وعندما سأل بريت باير من ‏قناة ‏Fox News‏ عما إذا كانت الرصاصة قد استرجعت وتمت مطابقتها مع البندقية، لم ‏يتمكن الحاكم كوكس من إعطاء إجابة محددة، مكتفيا بالقول إنه يعتقد أن الأمر ما زال “قيد ‏المعالجة” في مقر الـ ‏FBI‏ في كوانتيكو بفيرجينيا.‏

الأغلفة النحاسية التي وُجدت من الرصاص المزعوم احتوت على رسائل مناهضة للفاشية، ‏وهو ما دعم الرواية التي تصور القاتل كيساري متطرف. ومن المهم الإشارة إلى أن ‏صحيفة وول ستريت جورنال ذكرت بشكل مثير أن الأغلة تضمنت أيضا رسائل مؤيدة ‏للمتغيرين جنسيا، على الرغم من أن تقارير لاحقة من ‏FBI‏ نفت ذلك. عدم العثور على ‏الرصاصة نفسها، وعدم تقديم إجابات حول سبب عدم استرجاعها، يزيد من الشكوك حول ‏قصة ال ‏FBI‏.‏

 

مستفز غريب

 

كان جورج زين، المستفز اليساري الموجود بين الجمهور، سببا في إلهاء الحاضرين وتم ‏توقيفه في اللحظة المثالية لمنح مطلق النار على السطح فرصة للفرار بنجاح. وكان زين ‏شاهدا على هجمات 11 شتنبر، وقد اعتُقل في 2013 بعد تقديم تهديد وهمي بقنبلة خلال ‏ماراثون سالت ليك سيتي، بعد وقت قصير من تفجيرات ماراثون بوسطن.‏

وجود هذا الشخص المثير للجدل في مكان الحادث يبدو أكثر من مجرد مصادفة، خاصة ‏بالنظر إلى أنه اعتُقل بعد أيام بتهمة حيازة مواد إعلامية تصور إساءة للأطفال. ولن تكون ‏هذه المرة الأولى التي تستخدم فيها السلطات الفيدرالية شخصا مرتبطا بالاعتداءات الجنسية ‏لأهدافها الخاصة.‏

 

 

شخصيات مشبوهة ‏

 

كشف تقرير لصحيفة نيويورك بوست أن أحد الجيران لاحظ عدة شخصيات مشبوهة تقود ‏سيارات بأرقام تسجيل من ولايات أخرى، تتردد كثيرا على المنزل المستقل الذي كان ‏روبنسون، المشتبه به، يشترك في السكن فيه مع زميل متحول جنسيا، ووصف الجار هؤلاء ‏الأشخاص بأنهم “لا يبعثون على الثقة”. وربما يمكن التعرف على هؤلاء الأشخاص كـ ‏مشرفيه إذا أرادت الـ ‏FBI‏ مراجعة لقطات كاميرات الأبواب والتحقيق في هذا الخيط.‏

 

ثم أُبلغنا أن القاتل المزعوم ترك رسالة اعتراف، لكنها دمرت. ومع ذلك، تمكنت الـ ‏FBI‏ ‏بطريقة ما من تأكيد محتواها رغم أنهم لم يروا الرسالة فعليا. قال مدير الـ ‏FBI‏ كاش باتيل ‏لقناة ‏Fox and Friends‏: “نعتقد أن الرسالة المكتوبة وُجدت، ولدينا أدلة تظهر محتواها، ‏والتي تقول… المشتبه به كتب رسالة تقول: لدي الفرصة للتخلص من تشارلي كيرك ‏وسأقوم بذلك. هذه الرسالة كُتبت قبل إطلاق النار، ولدينا أدلة تثبت وجودها في مكان سكن ‏المشتبه به وشريكه. ومع أنه تم تدمير الرسالة، فقد عثرنا على أدلة جنائية تثبت محتواها، ‏وأكدنا ما ورد فيها من خلال نهجنا الاستجوابي الحازم في ال ‏FBI‏.”‏ من الصعب فهم كل ما يعنيه هذا الكلام بدقة.‏

 

 

تفاصيل مقلقة أخرى

 

كجزء من خطة الهروب المزعومة للقاتل، والتي تضمنت ترك أكبر قدر ممكن من الأدلة ‏الضارة، أرسل روبنسون، وفقا للـ ‏FBI، سلسلة من الرسائل النصية إلى زميله المتحول ‏جنسيا يؤكد فيها ارتكابه الجريمة، وذكر بندقيته، وقال إنه استهدف كيرك بسبب “كراهيته”، ‏وأشار إلى نقطة إسقاط البندقية، ومن تلقى منه البندقية، وتحدث عن تغيير ملابسه واعترف ‏بحفر رسائل على الرصاص. وقد أشار كثيرون إلى أنه إذا كان المحققون قد زيفوا بيانا ‏كجزء من تغطية، فسيحتوي على كل هذه النقاط، إذ يبدو أن الرسالة مصممة لإبعاد الناس ‏عن طرح الأسئلة.‏

 

تم التعرف على عدة أفراد في الجمهور بالقرب من كيرك في لحظة اغتياله، وهم يقومون ‏بحركات غريبة بالأيدي والجسم في اللحظات التي سبقت إطلاق النار. هل كان بعض هؤلاء ‏الرجال على علم بما كان سيحدث؟ يبدو أن العديد من النشطاء المتحولين جنسيا كانوا ‏يعلمون، حيث ظهرت تعليقات مريبة تتنبأ باغتيال كيرك قبل وقوعه مباشرة.‏

وقد أُفيد أن مدير ال ‏FBI‏ كاش باتيل غضب من مرؤوسيه في المكتب لأنهم انتظروا 12 ‏ساعة لعرض صورة المشتبه به عليه، وفقا لمصادر متعددة. وإذا كان عملاء ال ‏FBI‏ ‏يخفون عن باتيل هذه التفاصيل الأساسية، فماذا قد يكونون يخفونه عنه أيضا؟

هذه التفاصيل تجعل من المستحيل تجاهل احتمال وجود تواطؤ أوسع وراء اغتيال كيرك. ‏نظرية “المعتوه المنفرد”، التي استخدمتها السلطات مرارا لإبعاد الجمهور عن طرح ‏الأسئلة المحرجة، لن تنجح في هذه الحالة. ‏

هناك وفرة من الأسئلة حول القصة الرسمية، وتحتاج الإجابات الحاسمة. ويجب على ‏الجمهور الأمريكي المطالبة بهذه الإجابات، وإلا فإننا سنواجه مرة أخرى حالة تغطية تخفي ‏الأجندة الحقيقية وراء اغتيال أحد أبرز قادة عصرنا في مجال نشاطه، وهي مأساة أصبحت ‏شائعة جدا في الثقافة الأمريكية.‏

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق


إقرأ أيضاً