الاحتيال الإلكتروني..ضحايا في كمين “محترفي النصب”

الاحتيال الالكتروني


البحث عن الثراء السريع أو انسياق أعمى وراء الإعلانات..تعدد الغايات والوسائل بيد أنه في النهاية قد يقع المرء فريسة سهلة لمحتالين يتملكون أدواتهم في العالم الرقمي، حيث يداعب هؤلاء المحتالون غرائز الطمع والبحث عن الجوائز والمال لدى شريحة ليست قليلة تذهب إلى المصيدة بكامل إرادتها، ولا تفيق إلا بعد فوات الأوان.

 

كل يوم يزداد عدد ضحايا الاحتيال الإلكتروني، في ظل الانتشار السريع للتقنيات التكنولوجية ووسائل التواصل الحديثة التي تعددت أشكالها وأنماطها، والتي أحدثت طفرة نوعية في عملية التواصل والاتصال بين مختلف الشرائح في الداخل والخارج، تكثر الحسابات الوهمية التي يقوم أصحابها بممارسات تقنية ومعلوماتية بقصد ارتكاب أنواع مختلفة للجرائم الإلكترونية.

في المغرب طما في أرجاء المعمور يعرف “الاحتيال الإلكتروني” طريقه إلى ضحاياه داخليا ووتعدى جرائمه  للحدود، يمكن أن توقع أي فرد في مصيدة عمليات الاستغلال المختلفة لتحقيق المكاسب المادية، وقد تصل بالبعض إلى عتبات القضاء، لعله يعيد ما تم استخلاصه بغير رضا الطرف الأخر.

 

الضحية

 

ياسين شاب من مدينة الخميسات في ربيعه الثالث بحث عن عمل فلم يجد، اتجه بعد ذلك مرغما إلى تجارة الملابس المستعملة، اشتغل بها لما يقرب السنة، جمع على إثرها بعض ممن المال فقرر تطوير تجاره، وقع اختياره على جلب الملابس من الدارالبيضاء، راسل تاجرا مفترضا على الانترنيت حيث كان ينشر صور السلعة، أخذ رقمه الهاتف تواصل معه.

 

اتفق الطرفان على ثمن السلع والتوصيل، ياسين رفض مد “التاجر المفترض” بالمال قبل الحصول على الملابس، وافق الطرف الاخر، بعد أسبوع توصل ياسين من شركة اخدمات بالمدينة على الكمية المتفق عليها، فقدم المبلغ المتفق بشأنه مسبقا البالغ ألفي درهم، لكن عندما فتحها لم يجد السلع بل عثر داخلها على ملابس ممزقة وقديمة، فاستشعر ياسين بعملية النصب التي مورست عليه.

 

يقول ياسين ل”للأيام 24″ إنه توجه إلى مركز الشرطة واضعا شكاية ضد المحتال وينتظر القضاء أن يقول كلمته في حق المعني بالأمر، مؤكد أنه “لن أعود مرة أخرى إلى الاقتناء من الأنترنيت لأنه تم النصب علي ورأيت أعدادا كبيرة من الناس تم النصب عليهم في مسائل أخرى”.

 

جهل واستغلال

 

ذكرت عبدالهادي التيجاني، خبير معلوماتي في تواصله مع “الأيام 24” ، أن بعضاً من المواقع والحسابات تستغل جهل البعض بالجرائم والقضايا الإلكترونية التي يمكن أن تحدث وما يترتب عليها من عواقب وخيمة على الأفراد والمجتمع من خلال استغلال الجانب العاطفي، سواءً في تقديم الخدمات الإنسانية المتمثلة في جمع التبرعات لحالة إنسانية أو إيهام البعض بالفوز بالجائزة مع طلب إرسال البيانات الشخصية، أو من خلال الترويج عن المنتجات عبر حسابات غير موثوقة واختراق البيانات الشخصية، وغيرها من الطرق.

ووفق المتحدث لا يجب الوثوق بأي مصدر لتلك الحسابات أو الرسائل التي تصل إلا في حال التعرف على مصدرها، حيث يمكن أن تخلف الثقة الزائدة كارثة على الشخص بعد استغلاله، سواء عن طريق طلب إرسال المبالغ المالية أو سحب القروض من الحسابات البنكية، أو العمل على تهديد الضحية بأمور غير لائقة، وغيرها من القصص المتداولة في مختلف جوانب القضايا الإلكترونية.

 

تشريع لكبح جماح الجريمة

 

واعتبر  عماد أزنود المحام بهيئة الدارالبيضاء في حديثه مع “الأيام 24” أن الجريمة الالكترونية هي نوع من الجرائم الجديدة التي عرفتها المجتمعات الحالية نظرا للتطور المتزايد والمستمر في استعمال التكنولوجيا الحديثة و الذي فرض على كافة التشريعات التدخل الفوري للتصدي لهذا النوع من الجرائم من خلال سن نصوص و قواعد قانونية تجرم وتعاقب على كل سلوك يستهدف المساس بحقوق الافراد عن طريق استعمال الانظمة والاجهزة المعلوماتية.

 

فبالإضافة إلى  المصادقة على مجموعة من الاتفاقيات في هذا المجال، يؤكد المحام أن  الترسانة القانونية المغربية تعززت بنصوص جديدة نذكر على سبيل المثال، الفصل 607 من مجموعة القانون الجنائي الذي جرم عملية الدخول أو البقاء غير المشروع في الأنظمة المعلوماتية و عملية عرقلة سير النظام أو إحداث خلل فيه، و القانون 53.05 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية و الذي و ضع قواعد تخص كيفية ابرام العقود الالكترونية و التوقيع الالكتروني، ثم قانون 34.05 المغير و المتمم للقانون 2.00 المتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة، هذا القانون جرم بدوره كل مس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات.

 

لكن بالرغم من هذه المجهودات التشريعية التي تحاول التصدي لهذا النوع من الجرائم سواء على مستوى مدونة القانون الجنائي أو على مستوى باقي القوانين الاخرى، إلا أنه يلاحظ عدم رقي مساهمة العمل القضائي في هذه المحاربة، ذلك أن الدور الذي يلعبه القاضي الجنائي في التصدي لهذا النوع من الجرائم و تحقيق ارادة المشرع من خلال تعزيز القرارات و الاحكام بما يكفل من توفير مساهمة حقيقية لمواجهة الجريمة الالكترونية بكافة أنواعها يبقى دون المستوى بفعل تعقد هذا النوع من الجرائم.

 

وأكد عماد أزنود أن قانون 53.05 إلى وضع إطار قانوني ينظم نوع جديد من المعاملات ألا و هي المعاملات الالكترونية خصوصا ما يتعلق ب التبادل الالكتروني، و معادلة الوثائق المحررة ورقيا و تشفير و البيانات و كيفية إبرام العقود الالكترونية و التوقيع الالكتروني.

 

فيما  تنص المادة 29 من هذا القانون على أنه يعاقب كل من يقدم خدمات للمصادقة الالكترونية المؤمنة أو دون أن يكون معتمدا وفقا للشروط المنصوص عليها في المادة 21 أو واصل نشاطه رغم سحب اعتماده أو أصدر أو سلم أو دبر شهادات إلكترونية مؤمنة خلافا لأحكام المادة 20 بغرامة من 10.000 إلى 100.000 درهم و بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة.

 

و من أجل سلامة تبادل المعطيات القانونية الالكترونية و ضمان سلامة سريتها و صحتها، قدمت المادة 32 حماية خاصة لوسائل التشفير حيت نصت على أنه يعاقب بالحبس لمدة سنة مع الغرامة كل من استورد أو استغل أو استعمل إحدى الوسائل أو خدمة من خدمات التشفير دون الادلاء بالتصريح أو الحصول على الترخيص المنصوص عليه في المادتين 13 و 14.

 

و توسيعا لهده الحماية، جعلت من المادة 35 كل استعمال بوجه غير قانوني العناصر الشخصية لإنشاء التوقيع المتعلقة بتوقيع الغير، جعلته جرما يعاقب عليه بالحبس من سنة إلى خمس سنوات و بغرامة من 10.000 إلى 100.000 درهم. كما عاقبت المادة 38 بالحبس و الغرامة كل شخص استعمل بصفة غير قانونية عنوانا تجاريا أو إشهارا و شكل عام كل عبارة تحمل الاعتقاد أنه معتمد وفقا لأحكام المادة 21 التي وضعت شروطا لاكتساب صفة مقدم خدمات المصادقة الالكترونية.

مقالات مرتبطة :

اترك تعليق


إقرأ أيضاً